شعب
بلا ذاكرة.. ينتهـي إلى العـدم. ألا يصبح فـرداً يعيش حياته دون أن يحمل ذكرياته
مجنـوناً.. أو هـامشياً.. أو منسيـاً.. ذاك كان أول أهداف هذه الجـهةWebsite - - أن نخـزن ذاكرة جماعية، وأن يبدأ ذلك بنقطة صغيرة تقع على
الخارطة الفلسطينيـة: سحمـاتـا.
ليس
لأننا قدمنا من أهل عاشوا في أجوائها، ولا لأن من أنجبنـا يحمل وشمهـا.. واسمهـا..
ورائحة تبغـها.. ولون أرضهـا.. وعبق ريحهـا، ولكن لأنها جزء من تاريخ إنساني حافل
يشكل بتشابكه نشيجاً، وحكايات نرويها لأبنائنا وأطفالنا فيوزعونها أينما حّلوا..
ويخبئونها في كراريسهم أينما أقاموا.. ويزرعونها في ايّ بقعة شاء لهم هذا الزمن
المليء بالخيبة والمرارة أن يكونوا.
وليس
لأن - سحماتا - التي تقع في اواسط
الجليل الاعلى، وترتفع 575 م عن سطح البحر، وتبلغ مساحتها 135 دونما كانت تكسو
معظمها أحراج السنديان والزعرور والبطم والإجاص البري، ويضيف عليها المزارعون
بمعاولهم وكدهم ومواسم حصادهم وقطافهم القمح والكرسنّه والذرة والخضار، وأن لها
شهرة مميزة في صناعة التبع والزيتون، بـل لأنها أيضاً دمعة من نشيج البكاء على ماض
لن يدوم، وخيط من قوس قزح لا بد أن يعود.
فمن
لا يذكر من كبارها : القواطيع، والمغارة الشمالية، وبرزة والبياضة، ومدرستها
اليتيمة، ومعصرة الزيت وليالي السحجة، وايام التعليلة والزفاف والافراح. ومن ذاك
الذي سينسى التعايش الاسلامي-المسيحي الذي ساد القرية دونما حاجة إلى حلقات نقاش
.. أو جدل, أو معركة " جدين " وكيف استولي الاسرائيليون عليها عام
1948م؟
بعد
سقوطها غادر معظم أهلها إلى لبنان، تبعثروا في القرى والمدن. واضحى مجتعمهم
الرئيسي في بعلبك، بقايا ثكنة للجيش الفرنسي، حيث حشروا في " قواويش "
جماعية، واسطبلات خيل، وزنازين، وفي مخيم ليس له سوى باب واحد.. ينتصب على مدخله
جندي، وترتفع عليه كلمة " ثكنة غورو" وذات يوم جاءت شاحنات حملت هؤلاء إلى "الرشيدية "على
بعد كيلومترات من مسقط رأسهم.
أما
الآن.. وبعد 54 عاماً.. فقد توالدت أجيال.. كل يقبع في بلد، كثر حملوا جوازات
أخرى.. ولكنهم ينتمون إلى قريتهم ووطنهم الأصلي.. تقطعت أوصالهم بين بلدان عربية
وأجنبية يصعب حصرها.. لكن الجذر واحد، ومن السهل معرفته.
فإلى
من يهمهم الأمر: مهمة هذه الجهة على الانترنت أن تجمع.. وتوّحد وتدع كل من سمع أن
أباه أو جده قد أقام في هذه النقطة الصغيرة من خارطة فلسطين، أن تدعه يتنفس من
خلال هذه الرئة، وأن لا يستهين بمجهود من يعطي وقتاً وخبرة إيجابية تصب في هذا
الحقل.
خلال
نصف قرن ونيف.. سقط شهداء كثر.. من هذه القرية، أغلبهم في " تل الزعتر " وكان شيخ شهداء هذه القرية هو "ساري
قدورة " الذي دفنه ما تبقى من أهل القرية في مقبرتها عام 1969، وكان أولهم
"محمد اليماني" الذي رحل بصمت ودون ضجيج، وبلا اي بلاغ معلن، في عام
1964.. والقائمة تطول..
ولأننا
نعشق الحياة.. ونصر عليها.. فثمة أسماء كثيرة أيضاً لـ: مناضلين وشخصيات عامة،
ورجال أعمال، وكتّاب، واعلاميين، ومغتربين، ورجال خير، و ....، و...، موجودون بالفعل في أكثر من بقعة ومساحة
يلزمهم الانتماء، وحشد الارادة، وشحذ الذاكرة، ليضمنوا اخلاصهم لأنفسهم.. وإخلاص
ابنائهم وأحفادهم لهم أيضاً.
من
لا يملك سعة الخيال.. لا يحيا.. ومن لا يتصور أن موقعاً كهذا على الانترنت سيكبر..
ويتسع لمعلومات عن كل شخوص القرية.. وإسهامهم الإيجابي.. وطموحاتهم.. وتأكيد
انتمائهم، من لا يملك ذلك الأفضل له أن لا يتعب نفسه بمشاهدة هذه الجهـة.
ألف
تحية.. لمن بدأ.. وقذف حجراً في بحيرة راكدة، ألف سلام لأهلنا في "الرامية"
و"حيفا" و"عكا".. ولحجارة بيوتنا القديمة في سحماتا،
والانتصار يبدأ بفكرة.. وينتهي بفعل على الأرض.
Home